سورة الزخرف - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


قوله تعالى: {ومن يعش} أي يعرض {عن ذكر الرحمن} أي فلم يخف عقابه ولم يرد ثوابه وقيل يول ظهره عن القرآن {نقيض له شيطاناً} أي نسبب له شيطاناً ونضمه إليه ونسلطه عليه {فهو له قرين} يعني لا يفارقه يزين له العمى ويخيل إليه أنه على الهدى {وإنهم} يعني الشياطين {ليصدونهم عن السبيل} يعني يمنعونهم عن الهدى {ويحسبون أنهم مهتدون} يعني ويحسب كفار بني آدم أنهم على الهدى {حتى إذا جاءنا} يعني الكافر وحدة وقرئ جاءنا على التثنية يعني الكافر وقرينه وقد جعلا في سلسلة واحدة {قال} الكافر لقرينه الشيطان {يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين} أي بعد ما بين المشرق والمغرب، فغلب اسم أحدهما على الآخر كما يقال للشمس والقمر القمران ولأبي بكر وعمر العمران، وقيل: أراد بالمشرقين مشرق الصيف ومشرق الشتاء، والقول الأول أصح {فبئس القرين} يعني الشيطان قال أبو سعيد الخدري: إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير إلى النار {ولن ينفعكم اليوم إذا ظلمتم} يعني أشركتم {أنكم في العذاب مشتركون} يعني لا ينفعكم الاشتراك في العذاب ولا يخفف عنكم شيئاً، لأن كل واحد من الكفار والشياطين له الحظ الأوفر من العذاب وقيل لن ينفعكم الاعتذار والندم اليوم فأنتم وقرناؤكم اليوم مشتركون في العذاب كما كنتم مشتركين في الكفر.


{أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين} يعني الكافرين الذين حقت عليهم كلمة العذاب أنهم لا يؤمنون.
قوله عز وجل: {فإما نذهبن بك} أي بأن نميتك قبل أن نعذبهم {فإنا منهم منتقمون} أي بالقتل بعدك {أو نرينك} أي في حياتك {الذي وعدناهم} أي من العذاب {فإنا عليهم مقتدرون} أي قادرون على ذلك متى شئنا عذبناهم، وأراد به مشركي مكة وقد انتقم منهم يوم بدر وهذا يفيد التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه وعده الانتقام له منهم إما حال حياته أو بعد وفاته، وهذا قول أكثر المفسرين وقيل عني به ما يكون في أمته وقد كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نقمة شديدة في أمته ولكن أكرم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وذهب به ولم يره في أمته إلا الذي تقربه عينه وأبقى النقمة بعده وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أري ما يصيب أمته بعده فما رئي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه الله تعالى: {فاستمسك بالذي أوحي إليك} يعني القرآن {إنك على صراط مستقيم} أي على دين مستقيم لا يميل عنه إلا الضال {وإنه} يعني القرآن {لذكر} أي لشرف عظيم {لك ولقومك وسوف تسألون} يعني عن حقه وأداء شكره وروى ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية فكان بعد ذلك إذا سئل قال لقريش».
(ق) عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان».
(خ) عن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين» وقيل القوم هم العرب والقرآن لهم شرف إذ نزل بلغتهم ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب حتى يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم، وقيل ذكر لك أي ذلك شرف لك بما أعطاك الله من النبوة والحكمة ولقومك يعني المؤمنين بما هداهم الله تعالى به وسوف تسألون عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه.


قوله تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبد ون} اختلف العلماء من هؤلاء والمسؤولون فروي عن ابن عباس في رواية عنه لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم بعث الله عز وجل له آدم وولده من المرسلين فأذن جبريل ثم أقام وقال يا محمد تقدم فصل بهم فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل سل يا محمد {من أرسلنا من قبلك من رسلنا} الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا أسأل قد اكتفيت. وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد قالوا جمع له الرسل ليلة أسري به وأمر أن يسال فلم يشك ولم يسأل فعلى هذا القول قال بعضهم هذه الآية نزلت ببيت المقدس ليلة أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال أكثر المفسرين معناه سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد وهو قول ابن عباس في أكثر الروايات عنه ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي والحسن ومقاتل ومعنى الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول ولا كتاب بعبادة غير الله عز وجل.
قوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون} أي يسخرون {وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها} أي قرينتها التي قبلها {وأخذناهم بالعذاب} أي بالسنين والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس، فكانت هذه آيات ودلالات لموسى عليه الصلاة والسلام وعذاباً لهم وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها {لعلهم يرجعون} أي عن كفرهم {وقالوا} يعني لموسى عليه الصلاة والسلام لما عاينوا العذاب {يا أيها الساحر} أي العالم الكامل الحاذق وإنما قالوا ذلك له تعظيماً وتوقيراً لأن السحر كان عندهم علماً عظيماً وصنعة ممدوحة وقيل معناه يا أيها الذي غلبنا بسحره {ادع لنا ربك بما عهد عندك} أي بما أخبرتنا عن عهده إليك أنا إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله أن يكشفه عنا {إننا لمهتدون} أي لمؤمنون فدعا موسى ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا فذلك قوله سبحانه وتعالى: {فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون} أي ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6